التعليم في البرنامج الحكومي
1. مدرسة تكافؤ الفرص
يعتبر تطوير التعليم في صلب التحديات التي تواجهها بلادنا. ويمكن إيجاز وضع المدرسة في مفارقة: فمن ناحية، ثمة إرادة سياسية معلنة، و الدليل عليها حجم الميزانية المخصصة للتربية الوطنية. ومن ناحية ثانية، يبين الواقع أن المدرسة العمومية مازالت عاجزة، إلى حد كبير، عن لعب دورها المزدوج المتمثل في نقل المعرفة والارتقاء الاجتماعي.
وتفاعلا مع طموح تحقيق تكافؤ فرص حقيقي، تعتبر الحكومة تحسين جودة تكوين الأساتذة والارتقاء بظروف اشتغالهم مدخلا رئيسيا. وقد أفضى التشخيص الواضح لنقط ضعف المنظومة التكوينية للأساتذة، سنة 2018، إلى اللجوء للجامعات ومطالبتها باقتراح إجازة في التربية من أجل تعزيز تكوين الأساتذة. لكن لم يواكب المقترح بدعم يرقى إلى مستوى الرهان و لا برد الاعتبار لمهنة التدريس.
وفي مواجهة هذا الوضع، ستحدث الحكومة تغييرا جذريا في الأسلوب وستصوغ مقترحات هادفة وقوية، تكرس بالكامل لتحسين جودة المنظومة التعليمية ومن ثم للتقدم نحو تكافؤ فرص حقيقي.
ويقوم إنجاح تحدي مدرسة ذات جودة على اهتمام متجدد لفاعلي المدرسة العمومية وطموح تربوي معزز. ويعد إتقان الأطفال المغاربة لمكتسبات المرحلتين الابتدائية والثانوية شرطا لازما كي تتمكن الجامعات من لعب دورها المتمثل في نقل المعرفة وتعميقها، وهو ما تحتاجه بلادنا بإلحاح. ويتطلب التقدم نحو تكافؤ الفرص دعم سياسة طموحة للطفولة المبكرة وتمكين الأطفال من المعارف الضرورية حتى يصبحوا مواطنين مستقلين.
1-1التعليم الأولي لجميع الأطفال في سن الرابعة
لبناء مستقبل يتمتع فيه كل مغربي بنفس فرص النجاح، نتعهد داخل الحكومة بدعم وتطوير سياسة طموحة لتنمية الطفولة المبكرة. قبل الأزمة الصحية، كرست المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كونها مبادرة تنموية ملكية ساهمت وتساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الهشة، للاعتناء بالطفولة المبكرة. ولاشك أن تنمية الطفولة المبكرة تعد أحد الاستثمارات الأكثر مردودية لمستقبل بلادنا.
إن تشجيع مرحلة التعليم الأولي وإحداث بنيات استقبال لرعاية الأطفال الصغار يساهم في سد الفجوة بين الأطفال من خلفيات اجتماعية متباينة، سواء من حيث اكتساب اللغة والكفاءات المعرفية، او من حيث تطوير المهارات الاجتماعية. وفي غياب تدخل مبكر، تترسخ هذه الفوارق المبكرة وتنمو مع مرور الوقت دون تمكن من إزالتها بعد ذلك. كما يساهم تعميم التعليم الأولي في رفع معدل نشاط النساء، من خلال خفض الكلفة التي تتحملها الأسر لرعاية الأطفال.
وهكذا فإن الاستثمار في برامج تنمية الطفولة المبكرة يزيد بشكل كبير من فرص النجاح المدرسي والمهني مع تقليص هام للمخاطر الاجتماعية الناجمة عن السلوكات المنحرفة. ولاستكمال تطوير الشبكة الوطنية لحضانات الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 4 سنوات، تحرص الحكومة على مواكبة تطوير رياض الأطفال منذ سن الرابعة حتى يتمكنوا من الانفتاح والاستعداد للتعلم في المدرسة الابتدائية. ومن خلال تزويد الهيئة الوطنية للتقييم بوسائل عمل إضافية، سنتيح ظروف تقييم صارم للتقدم المحرز فيما يتعلق بالطفولة المبكرة.
1-2 تقوية المهارات الأساسية منذ المرحلة الابتدائية: القراءة والكتابة والحساب والبرمجة
1.2.1. تعزيز الكفاءات الأساسية
يشكل إتقان جميع التلاميذ للمعارف الأساسية، من قراءة وكتابة وحساب وبرمجة، دعامة الطموح التربوي للحكومة خلال السنوات الخمس القادمة. ولضمان الاكتساب الفعلي لهذه المعارف الأساسية، سيكون التقييم المنتظم لمهارات التلاميذ أولوية للحكومة. ويستلزم هدف بناء مدرسة جيدة تعزيز موارد العمل والقدرات التحليلية للهيئة الوطنية للتقييم من أجل وضع آلية تقييم صارم لمستويات التلاميذ. وستكلف هذه الهيئة في كل سنة بإجراء وتحليل اختبارات وطنية للكفاءات في القراءة واللغات الحية والحساب، على مراحل مختلفة من المسار الدراسي. وسيتيح ذلك تقييم التقدم المحرز داخل المؤسسات التعليمية ومقارنة نجاعة الابتكارات التربوية وتوجيه أفضل للموارد المخصصة لاستثمار في المنظومة التعليمية. وستكون نتائج اختبارات المعارف مرآة تعكس أداء المدرسة وهيئة التدريس.
1.2.2. التربية على المواطنة وتعزيز الهوية المغربية
خص الدستور المغربي الهوية المغربية بمكانة خاصة حيث جاء فيه أن " المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار مكوناتها، العربية ـ الإسلامية والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية و الأندلسية والعبرية والمتوسطية".
وتعتبر الحكومة أن التربية والتعليم مدخلان أساسيان لتعزيز الهوية المغربية، عبر تربية الناشئة على التشبث بالقيم الثقافية المغربية بكل مقوماتها الإسلامية و التراثية والفكرية والمعرفية والاجتماعية والفنية، لذلك فإننا مطالبون بإعادة النظر في المقررات الدراسية ومناهجها التربوية بشكل يربي في الجيل الصاعد حس النقد والإبداع والتفاعل مع الثقافة المغربية بشكل إيجابي ويشجع الناشئة على التشبع بقيم الانفتاح والتسامح بين الأديان والاهتمام بالإرث الثقافي بمختلف مكوناته.
وتعتبر التربية على المواطنة وتعزيز الهوية المغربية صيرورة أفقية تشمل كل الممارسات المؤسساتية، التي تهم تنشئة المواطنة والمواطن، وتنمية شخصيتهما الإنسانية بكل أبعادها الوجدانية والفكرية والاجتماعية والثقافية، وهي بذلك تستشرف المدى البعيد لكونها تهم الناشئة وأجيال المستقبل في أفق التشبع بثقافة المواطنة وتمثلها في المعرفة والسلوك والممارسة.
ونسعى داخل الحكومة لتعزيز تكوين مواطنين قادرين على اتخاذ قرارات واعية، ومقتنعين وفخورين بانتمائهم إلى المجتمع المغربي، مكرسين لقيمهم في حياتهم اليومية، ومدركين لحقوقهم وواجباتهم. ولهذه الغاية تتبنى الحكومة مقترح اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في هذا الاطار، والتي تقترح تربية دينية تنشر قيما مدنية قائمة على إرثنا الروحي المنفتح و المتسامح. كما تتبنى الحكومة مقترح اللجنة من أجل تربية على المواطنة أكثر فعالية تعزز قواعد العيش المشترك وتزرع قيم التعلق بالوطن، من اجل تعزيز روح المنفعة المشتركة والشعور بالانتماء إلى المجموعة الوطنية واحترام رموزها. كما ستحث الحكومة على الاهتمام أكثر بالأنشطة الجماعية في جميع المواد الدراسية وكذلك في سياق المشاريع الجماعية التي تستهدف المصلحة العامة (الاجتماعية والثقافية، والرياضية، والإيكولوجية). فضلا عن ذلك، لن تقتصر طرق التقييم في النظام التعليمي فقط على مكافأة الأداء الفردي والمدرسي بل ستشمل أيضا السلوك الجماعي وستحفز على قيم الأمانة والتسامح والاحترام والحقوق والواجبات والتعاون والتضامن.
1.2.3. خطة التعليم الرقمي
من أجل تحسين اكتساب المعارف الأساسية، ينبغي تيسير تجديد الممارسة التربوية عبر سياسة إرادية لارتقاء بالتعلم الالكتروني. ونعتقد، داخل الحكومة، أن الوقت قد حان لجعل الثورة الرقمية رافعة حقيقية للإدماج في سبيل معالجة إشكاليات الولوج إلى تعليم جيد للجميع، خاصة بالنسبة لتلاميذ العالم القروي و في الآن نفسه، تسهيل المواكبة المنتظمة للأساتذة.
لقد سرعت الأزمة الصحية الوعي الجماعي بما يسجله النظام التعليمي من تأخر على مستوى الرقمنة، وأكدت أن رقمنة التعليم هي رهان ديموقراطي آني. ولقد تم الانتقال القسري إلى المدرسة عن بعد والتعلم الالكتروني في نوع من الفوضى، ما زاد من حدة إشكاليات تعليمية أقدم: عدم ملاءمة وقدم المحتوى، الهدر المدرسي، التفاوتات المجالية، تدني مستوى تكوين الأساتذة. وفي حين لا يعتقد أحد أن التعليم عن بعد حل لجميع الإشكاليات، فإن التحديات التي يطرحها تعد رافعة للتحول الفعال للمنظومة التعليمية، بجعلها تشجع الابتكار والنجاعة وتتيح استهدافا أدق للمناطق التي تعاني قلة الاستثمار التعليمي، خاصة في العالم القروي.
ولقد أتاحت الجهود المبذولة في التعلم الإلكتروني إبان أزمة كوفيد ـ 19 تحسين العرض واتخذت كثير من المبادرات، بعضها من القطاع الخاص أو الجمعيات، قدمت حلولا مؤقتة للحاجات المتزايدة للأسر التي شهدت ارتفاعا غير متوقع في مصاريف الإنترنيت.
وستواكب الحكومة هذا المجهود بالإشراف على تطوير التعلم الالكتروني وتعبئة الموارد اللازمة لتعميمه. وإن تفعيل أدوات التعليم عن بعد يجب أن يؤطر بدفتر تحملات رقمي يكفل حد أدنى من الخدمة في حال تعذر التعليم الحضوري وينص على إعادة توجيه الخدمات التعليمية وإجراءات الوساطة بين الأساتذة والتلاميذ وأوليائهم من أجل البناء المشترك لسبل الانتقال نحو التعلم الإلكتروني. وتعمل الحكومة على تشجيع مبادرات القطاع الخاص الذي يتوفر على إمكانيات لمواكبة المدارس في المناطق الأكثر تضررا.
وإن هذا التحول نحو الرقمنة يتطلب استثمارا واسعا لتعميم الانترنيت بصبيب كاف و إحداث رجة مزدوجة تستهدف العرض والطلب فيما يتعلق بالمحتويات التربوية الرقمية بحيث يمكن تحويل الإكراه الناشئ عن البعد إلى فرصة لتغيير المعارف والأساليب التربوية ولضمان انتشار أكبر للممارسات الفضلى في كل أرجاء البلاد.
من جهة، رجة تستهدف العرض التعليمي عبر الإنترنيت، غايتها تحسين العرض التربوي كما وكيفا من خلال مضاعفة وحدات التدريس والتمارين وتشجع التعلم شبه المستقل والتقييم الذاتي، فضلا عن تقديم أنشطة موازية ذات حمولة تربوية قوية بالنسبة للتلاميذ.
ومن جهة أخرى رجة تستهدف الطلب من خلال وضع آليتين:
• جواز تعليمي رقمي، يمكن الأسر ذات الدخل المحدود من تمويل جزء من اللوازم والمحتوى الرقمي المدرسي؛
• شهادة المدرس الرقمي، وتكون إلزامية لجميع أطر الأكاديميات الجهوية، وتعمم على الأساتذة الممارسين، لضمان الرفع من المستوى المعرفي الرقمي للفاعلين الأساسيين في قطاع التعليم.
وإن رفع هذين التحديين يستلزم أيضا تسهيل شراكات مختلفة بين القطاعين العام والخاص قد تلعب فيها الطلبات العمومية دورا محركا، لاسيما عبر تشجيع خلق نظم منتجة ومنفتحة على المقاولات الناشئة والمبتكرين. وتعطي الأولوية للمبادرات الجهوية التي تأخذ في الحسبان الخصوصيات اللغوية والمجالية، على مستوى الأكاديميات الجهوية. ومن أجل دعم وتقييم الانتقال التربوي نحو التعلم الإلكتروني، تضطلع المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بدور أساسي في تطوير الأدوات والمحتويات، فيما تتكلف الهيئة الوطنية للتقييم بالحكم على نجاعة وجودة التطبيق.
1-3. تعميم المدارس الجماعاتية والنقل و المطعم المدرسيين
يجب ان يكون الدعم المالي للأسر المعوزة مصحوبا بإجراءات ملموسة تسهل الولوج إلى المدرسة، خاصة في الوسط القروي و لاسما لفائدة الفتيات القرويات. وإن البعد الجغرافي، وتدني جودة معظم بينات الاستقبال، وغياب الموارد المالية كلها عوامل تزيد من حدة الهدر المدرسي. لذلك ستحرص الحكومة على توسيع شبكة المدارس الجماعاتية والنقل والمطاعم المدرسية لفائدة التلاميذ القرويين، من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية.
1.3.1. المدارس الجماعاتية
لقد أظهرت تجربة المدارس الجماعاتية أهميتها ونجاعتها في مناطق مختلفة، مع تسجيل معدلات نجاح تتحسن بشكل ملحوظ وتقليص جذري لنسبة الهدر المدرسي. وفي هذا الإطار التربوي، يستقبل التلميذ في مدرسة جيدة بدل الذهاب إلى فصل دراسي معزول.
وإن فكرة المدرسة الجماعاتية تعتمد على تجميع تلاميذ جماعة واحدة أو جماعات عدة في المدرسة نفسها، مما يمكن من تركيز الجهود التي ظلت مشتتة على مستوى كثير من المدارس والأقسام التابعة لها. وإن تحديد الموقع الجغرافي للمدرسة الجماعاتية مسألة استراتيجية وشرط لنجاحها. وينبغي ربط المدرسة الجماعاتية بالبنيات التحتية والمرافق الأساسية لمواجهة إشكالية البعد الجغرافي للأطر التربوية والإدارية، كما ينبغي النظر بعين الاعتبار إلى التركيز الجغرافي للساكنة المحلية.
1.3.2. النقل المدرسي
إن توسيع شبكة النقل المدرسي، كبديل لبنيات الاستقبال (الداخليات، دور الطالب(ة)) خيار أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية وأكثر مردودية من الناحية الاجتماعية. ذلك أنه يتيح الحفاظ على توزان الطفل الذي يتابع دراسته وهو موقن من لقاء أسرته مساء.
وتعمل الحكومة على مواكبة المجالس الإقليمية والمحلية من أجل تمويل وتدبير خدمات النقل، تطبيقا لمقتضيات القوانين التنظيمية المحددة لاختصاصاتها. ومن خلال تعبئة تكنولوجيا المعلومات، تسهر الحكومة، بتنسيق مع المجالس الترابية، على تتبع وتقييم نجاعة وجودة خدمات هذا المرفق، خاصة في العالم القروي.
وحين تكون المسافات اليومية التي ينبغي قطعها طويلة، لاسيما في المناطق الجبلية، يمكن الاستعاضة عن النقل المدرسي بالداخليات. وفي هذه الحالات، يمكن تدبير الداخليات من طرف أمهات التلاميذ اللائي ينتظمن في جمعيات أو مجموعات ذات نفع اقتصادي. وسيساعد انخراط الأمهات في الحد من الهدر المدرسي وطمأنة الأسر على سلامة أطفالها مع تزويد هؤلاء النساء النشيطات بموارد دخل لأسرهن.
1.3.3. المطاعم المدرسية
موازاة مع تطوير النقل المدرسي بهدف تحسين ظروف استقبال التلاميذ، ومن أجل محاربة الهدر المدرسي، تنهج الحكومة سياسة طموحة بشأن المطاعم المدرسية مع توسيع شبكتها، وهي التي يستفيد منها حاليا 1.450.000 تلميذ(ة). وتزود المطاعم المدرسية بموارد إضافية في سبيل الرفع من معايير الجودة الغذائية وتسريع وثيرة تأهيل البنيات التحتية المدرسية (توفير الماء والصرف الصحي و الكهرباء). كما يتم تحسين جودة المطاعم عبر ملاءمتها مع التوجيهات الغذائية التي توصي بها وزارة الصحة لإعداد وجبات على مستوى المطاعم المدرسية والجامعية.
1-4 رد الاعتبار لمهنة التدريس
لتحقيق طموح تحسين جودة التعليم العمومي، ستنفد الحكومة سياسة إرادية لارتقاء بمهنة التدريس من خلال تجويد تكوين الأساتذة وتحديد معايير توظيفهم والرفع من أجورهم.
1.4.1 الاستثمار في تكوين الأساتذة
تعزيزا لكفاءات الأساتذة، تشتغل الحكومة على خطة وطنية للرفع من القدرات التكوينية لهيئة التعليم. وتتجلى الركيزة الأولى لهذه الخطة في خلق تكوين انتقائي ومتجدد للأساتذة، من أجل ذلك، تعمل الحكومة على إحداث كلية التربية لتكوين الأساتذة، يكون الولوج إليها على أساس انتقائي. و يناط بهذه الكلية توفير تكوين على مدى ثلاث سنوات لفائدة الحاصلين على الباكالوريا بعد اختيارهم بدقة وذلك بهدف استعادة مهنة التدريس لمكانتها، والتي تظل أولا وأخيرا مهنة مواطنة.
يعتمد إصلاح مسار تكوين الأساتذة، الذي أطلق سنة 2018، على الاستفادة من تكوين يمتد على ثلاث سنوات تتوج بالحصول على "الباشلر" في التربية. وتعمل الحكومة على اختيار أحد البرامج المعمول بها حاليا بناء على معايير أكاديمية لإحداث كلية التربية بمهام متعددة. أولا، تعزيز برنامج إجازة التربية الحالي وإدراجه ضمن عرض تكوين أكبر يشمل التكوين المستمر للأساتذة لاسيما عن بعد، وتكوين مربين متخصصين في الطفولة المبكرة فضلا عن تكوين مختصين لمواكبة الأشخاص في وضعية إعاقة المقترح أدناه.
كما تلعب كلية علوم التربية دورا رائدا في تطوير حزمة من التكوينات المؤهلة، الأولية والمستمرة، تتعلق بتطوير محتويات تربوية وبالبحث التربوي، وذلك في سبيل تنسيق عرض التكوين اللامركزي في الجهات، لاسما في المدارس العليا الحالية للتربية والتكوين.
وأخيرا، تعتبر كلية علوم التربية مسؤولة أيضا عن دعم الأساتذة في أنشطتهم التربوية من خلال المساهمة بمقترحات محتويات مكيفة مع خصوصيات كل جهة وتكوين متخصصين في المواكبة التربوية (مساعدين تربويين، ومربين متخصصين..). وتتيح كلية علوم التربية، بتوفيرها لتكوينات مختلفة ومتنوعة في مهن التربية، نشر ثقافة التكامل في الوسط المدرسي بيم مختلف الفاعلين ( أساتذة، ومستشارين تربويين، ومربين متخصصين..).
وتتعلق الركيزة الثانية للخطة التربوية بتعزيز القدرات التكوينية للبنيات الحالية. فعلى مستوى الإجازة، تتطلب كل ضرورة توظيف نحو 15.000 أستاذ سنويا، وطموح الحكومة للرفع من جودة التكوين المقدم، تعزيزا كبيرا للموارد وطاقة الاستقبال في البنيات الحالية. وتضم هذه البنيات المدارس العليا للتربية و التكوين، وكلية التربية في الرباط، فضلا عن المدارس العليا للأساتذة. كما تعزز موارد المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لتعزيز جودة التكوين المستمر للأساتذة. وتشكل هذه المراكز حاليا المستوى الثاني من تكوين الأساتذة، وسيتم في نهاية المطاف إدماجها في النظام الجامعي. وتحرص كلية التربية والتكوين على تيسير هذا الاندماج من خلال المساهمة في التنسيق بين التكوين المتبع في سلك الإجازة والتكوين الممنوح في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
1.4.2 جعل مهنة التدريس أكثر جاذبية
إن إعادة الاعتبار لمهنة التدريس تمر بالضرورة عبر تحسين دخل الأساتذة عند بداية المسار، ومواكبته طيلة هذا الأخير، وتقييم منتظم لكفاءاته. وفي إطار الحوار الاجتماعي، تفتح الحكومة خلال السنة الأولى من ولايتها حوارا اجتماعيا، خاصة مع المركزيات النقابية للتعليم الأكثر تمثيلية من أجل التوافق حول الإجراءات والتدابير الرامية للرفع التدريجي من الحد الأدنى للأجرة الصافية الشهرية لتصل إلى 7.500 درهم بالنسبة لحملة شهادة التأهيل التربوي من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وإن هذه الزيادة البالغة 2.500 درهم في أجرة بداية مسار الأستاذ ستتيح الرفع من جاذبية مهن التدريس. وبالنسبة للأساتذة الممارسين الذين يتقاضون أقل من 7.500 درهم، سيكون بإمكانهم الاستفادة من التعويضات الجديدة شريطة الحصول على شهادة تأهيل تربوي بعد اجتياز اختبار مهني تضعه كلية التربية والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وتدعم هذه المؤسسات الأساتذة المعينين الراغبين في الإعداد لهذا الاختبار.
إن إعادة الاعتبار لمهنة التدريس رهين بالحرص على تقديم خدمات مواكبة طيلة المسار وتقييم منتظم للكفاءات. ويتيح تعزيز المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ودعم كلية التربية بلورة تكوين مستمر جيد ودعما تربويا للأساتذة.
وفي أفق توسيع نطاق آلية التأطير التربوي للأساتذة لتشمل كل جهات المغرب، تشجع الحكومة على الابتكار التقني لدعم الأساتذة عن بعد. وسيمكن توظيف موارد كلية التربية والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين من مساعدة الأساتذة محليا في عملهم اليومي، ودعمهم في تطوير أساليب تشاركية للاشتغال. وإن الإنصات إلى كافة الأساتذة هدف ممكن التحقق إذا تم الجمع بين الأدوات الرقمية وتعزيز موارد المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وتكوين الموظفين المتخصصين في المواكبة التربوية داخل كلية التربية.